إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}


    {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} البقرة:104


    والمعنى: ومن الناس فريق يروقك منطقهم، ويعجبك بيانهم، ويحسن عندك مقالهم. فأنت معجب بكلامهم الحلو الظاهر، المُر الباطن، وأنت في هذه الدنيا لأنك تأخذ الناس بظواهرهم،
    أما في الآخرة فلن يعجبك أمرهم لأنهم ستنكشف حقائقهم أمام الله الذي لا تخفى عليه خافية، وسيعاقبهم عقابًا أليمًا لإظهارهم القول الجميل وإخفائهم الفعل القبيح.
    وعلى هذا التفسير يكون قوله: (فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا) متعلقاً بــ (
    يُعْجِبُكَ)
    (الوسيط - طنطاوي)

    وفي الآية وجه آخر ذهب إليه بعض المفسرين وهو أن الظرف (فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا) متعلق بالقول قبله; أي:
    يعجبك قوله إذا تكلم في شئون الحياة الدنيا وأحوالها، وطرق جمع المال وإحراز الجاه فيها، لأن حبها قد ملك عليه أمره، والميل إلى لذاتها وشهواتها قد استحوذ على قلبه، وصار هو المصرف لشعوره ولبه، فينطلق لسانه -ومثله قلمه - في كل ما يستهوي أصحاب الجاه والمال، ويستميل أهل السيادة والسلطان.
    ولكنه إذا تكلم في أمر الدين جاء بالخطل والحشو، ووقع في العسلطة (أي كلام بلا نظام) واللغو، فلا يَحسُن وقع قوله في السمع، ولا يكون له تأثير في النفس وذلك أن روح المتكلم تتجلى في قوله، وضميره المكنون يظهر في لحنه ((وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)) محمد:30، وفي الحكم: ((كل كلام يبرز عليه كسوة من القلب الذي عنه صدر)) ولهذا كان إرشاد المخلصين نافعا، وخداع المنافقين صادعا.

    (المنار - محمد رشيد رضا)

    وقال الشيخ الشعراوي -رحمه الله-:
    {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}
    يريد الحق -سبحانه وتعالى- أن يضع أمامنا قضية وجودية، وهذه القضية الوجودية هي أن كل عمل له ظاهر وله باطن. ومن الجائز أن تتقن الظاهر وتدلس على الناس في الباطن، فإذا كان الناس لهم مع بعضهم ظاهر وباطن. فمن مصلحة الإنسان أن ينتمي هو والناس جميعًا إلى عالم يعرف فيه كل إنسان أن هناك إلهًا حكيمًا يعرف كل شيء عنا جميعًا. فإذا كان عندك شيء لا أعلمه، وأنا عندي شيء أنت لا تعلمه كيف تسير مصالحنا؟ ولذلك فمن ضروريات حياتنا أن نؤمن معا بإله يطلع على سرائرنا جميعًا، وهذا ما يجعلنا نلزم الأدب.
    ولذلك قيل: إن عميت على قضاء الأرض فلن تعمى على قضاء السماء.

    إذن فقضاء السماء وعلم الله بالغيب مسألة يجب أن نحمده عليها، لأنه هو الذي سيحمي كل واحد منا من غيره.


    وعندما ستر الله غيبنا فذلك نعمة يجب أن نشكره عليها؛ لأن النفوس متقلبة. فلو علمت ما في نفسي عليك في لحظة قد لا يسرك.. وقد لا تنساه أبدا ويظل رأيك في شيئًا، لكن الظنون والآراء تمر عندي وعندك وتنتهي. ولو اطلع كل منا على غيب الآخر لكانت الحياة مرهقة، والقول المأثور يذكر ذلك: "لو تكاشفتم ما تدافنتم". إذن فمن رحمة الله ومن أكبر نعمه على خلقه أن ستر غيب خلقه عن خلقه.


    والحق يحذرنا ممن قال فيهم: {
    وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي الذين يظهرون من خير خلاف ما يبطنون من شر،
    ولذلك صور الشاعر هذه المسألة:

    على الذم بتنا مجمعين وحالنا ** من الخوف حال المجمعين على الحمد

    أي لو تكاشفنا لقلنا كلنا ذمًا، إنما كلنا مداحون حين يلقى بعضنا بعضا كل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. و{يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} فهل الممنوع أن يعجبك القول؟ لا، يعجبني القول ولكن في غير الحياة الدنيا، فالقول الذي يعجب هو ما يتعلق بأمر الحياة الباقية ليضمن لنا الخير عند من يملك كل الخير. وكفى بالذي يسمع من مادح له مدحًا، والمادح نفسه يضمر في قلبه كرهًا له، وكفى بذلك شهادة تغفيل للممدوح، بأنه يقول بينه وبين نفسه: إن الممدوح غبي؛ لأني أمدحه وهو مصدق مدحي له.

    إن الله -سبحانه وتعالى- ينبهنا إلى ضرورة أن يكون المسلم يقظا وفطنًا، ومن يقول لنا كلامًا يعجبنا في الحياة نتهمه بأن كلامه ليس حسنا؛ لأن خير الكلام هو ما يكون في الأمر الباقي.

    ولذلك عندما أرسل خليفة المسلمين للإمام جعفر الصادق يقول له:- لماذا لا تغشانا -أي لا تزورنا- كما يغشانا الناس؟ فكتب الإمام جعفر الصادق للخليفة يقول: "أما بعد فليس عندي من الدنيا ما أخاف عليه، وليس عندك من الآخرة ما أرجوك له". وكأنه يريد أن يقول له اتركنا وحالنا؛ أنت محتاج لمن يجلس معك ويمدحك، وأنت لا تعلم أن أول أناس لهم رأي سيئ فيك هم من يمدحونك.


    {وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} وهذه الآية نزلت في الأخنس ابن شريق الثقفي واسمه أبي ولقب الأخنس لأنه خنس ورجع يوم بدر فلم يقاتل المسلمين مع قريش واعتذر لهم بأن العير قد نجت من المسلمين وعادت إليهم، وكان ساعة يقابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يظهر إسلامه ويلين القول للرسول ويدعي أنه يحبه، ولكنه بعد أن خرج من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بزرع وحمر لقوم من المسلمين فأحرق الزرع وقتل الحمر. والآية وإن نزلت في الأخنس فهي تشمل كل منافق.


    {وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} لا تقولوا: {الله يشهد}، وإنما هاتوا شهداءكم ليشهدوا على صدق قولكم؛ لأن معنى {الله يشهد} هو إخبار منك بأن الله يشهد لك. وأنت كاذب في هذه، وتريد أن تضفي المصداقية على كذبك بإقحام الله في المسألة. وساعة تسمع واحدا يقول لك: أشهد الله على أني كذا، فقل له: هذا إخبار منك بأن الله يشهد، وأنت قد تكذب في هذا الخبر، أنا أفضل أن يشهد اثنان من البشر ولا نقحم الله في هذه الشهادة.


    {
    وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} وألد الخصام هو الفاسق في معصيته، ويقال: فلان عنده لدد أي فسق في خصومته، ويجادل بالباطل. ولذلك يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» صحيح البخاري ومسلم.

    يعني المجادل بالباطل الذي عنده قسوة في المعصية، فهو عاص وفي الوقت نفسه قاس في معصيته.
    ولماذا هو ألد الخصام؟ لأن الذي يجابهك بالأمر يجعلك تحتاط له، أما الذي يقابلك بنفاق فهو الذي يريد أن يخدعك، وهذا عنف في الخصومة فالخصم الواضح أفضل لأنه يواجهك بما في باطنه، لكن إذا جابهت الذي يبطن خصومته ويظهر محبته يكون قاسيا عليك في خصومته؛ لأنه يريد أن يخدعك ويبيت لك.
    (خواطر الشعراوي)

  • #2
    رد: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}

    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيراً ونفع بكم وبارك الله فيكم

    تعليق


    • #3
      رد: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم
      أسألكم الدعاء بظهر الغيب

      تعليق


      • #4
        رد: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق

        يعمل...
        X